خلال الأيام القادمة سأتناول بإذن الله موضوع حقوق الطفل من عدة مناحي، وسبب اختيار هذا الموضوع هو ما تلاحظ في الآونة الأخيرة من أن المنظمات الدولية بدأت الحديث عن حقوق الطفل وأنها منتهكة على نطاق واسع ولا سيما في دول العالم الاسلامي والعربي والافريقي في الصومال ودارفور ولبنان والعراق وفلسطين وأفغانستان. وكأن هذا الاهتمام غير وارد في ثقافتنا الاسلامية والعربية. ولذا كان من الواجب البحث في تاريخنا لأنه من الأمانة أن يعود الفضل لأهله وإلا نكون قد جحدنا إرثنا وتاريخنا وتخلينا عن أبائنا وأجدادنا وصرنا أبناء عاقين.
والموضوع الذي سأتحدث عنه الآن هو حق الطفل قبل الميلاد وفي المهد. لقد استطاع الفراعنة معرفة نوع الجنين وهوفي بطن أمه عن طريق أخذ بول الأم الحامل ووضع حبات من القمح والشعير فيه وبناء على الحبة التي تنبت استطاعوا التنبؤ بنوع الجنين إن كا ن ذكرا أم انثى وبناء على ذلك يستعدون لاستقبال الجنين. وقد قال أهل الجزيرة العربية قبل الاسلام أطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض
وفي الاسلام نرى من تاريخ الصحابة وسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم الكثير من الاشارات حول حقوق الطفل.ومنها : حسن اختيار الأم والأب ( من جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه
وتنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك
فالمتأمل لتلك النصائح يعرف أن فيها الاستقرار والسعادة الأسرية والطاعة لله وإلا إن لم نفعل ذلك ـكن فتنة في الأرض وفساد كبير
كما أوصى صلى الله عليه وسلم بحسن اختيار أسماء أطفالنا فورد أن خير الأسماء ما حمد وعبد
أي محمد وأحمد وعبد الله وعبدالرحمن ..الخ
وكذلك ورد أن رجلا ذهب يشتكي ولده إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأنه يعقه فأرسل الإمام عمر إلى الولد وسأله فقال الولد يا أمير المؤمنين لقد عقني أبي قبل أن أ‘قه فاختار لي اسما غير محبب فأسماني جعلا ولم يختر لي أما حسنة فأوصى الإمام عمر بأن نعين الأبناء على طاعة الأباء والبر بهم من خلال حسن انتقاء أسمائهم وحسن اختيار أمهاتهم
ولا ننسى كذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس
وهذا ما ظهر من خلال الأبحاث الحديثة التي بينت وجود عامل الوراثة وأثره على الأطفال وكذلك عامل الDNA والخريطة الوراثية التي ظهرت في السنوات القليلة الماضية وأثرها في تشكيل نوع وسلوك الأطفال
ولاننسى توجيه الله عز وجل لنا بضرورة رعاية الأطفال وإرضاعهم حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وأن من أراد أن يفطم الطفل قبل هذه المدة فإن الأمر لابد أن يتم باتلتشاور بين الأب والأم ولا ينفرد أحدهما بهذا القرار
وهنا لايفوتني أن أذكر أن عمر بن الخطاب قرر صرف مقررات غذائية من بيت مال المسلمين لكل مولود يولد بعد حادثة أم الأيتام التي تفقدها في الطريق ووجد أطفالها يصرخون فسألها عن حالها فعلم أن لديها أطفال رضع وكان القرار أن يصرف للأطفال بعد بلوغهم عامهم الثاني وقالت له الله الله في عمر ، فأصدر بعدها هذا القرار لصالح كل الأطفال
والآن هل يوجد في وقتنا المعاصر حضارة او منظمة حمت الطفل قبل أن يأتي إلى الدنيا ؟ وضمنت أسرة آمنة متحابة ترعاه وتكفله قبل ولادته مثل الحضارة العربية والاسلامية؟ تلك الحضارة المتهمة الآن بالعنف والارهاب وعمالة الأطفال واستغلالهم بأسوأ أنواع الاستغلال البدني والجسدي والمعنوي وفي الأيام القادمة سيتناول كاتب هذه الكلمات معكم بقية حقوق الطفل